كيف يمكن للتمارين الرياضية التأثير على جودة النوم؟

مقدمة
إن الحصول على نوم جيد هو أمر مهم لصحتنا العامة ورفاهيتنا اليومية، ومع ذلك، يعاني العديد من الأشخاص من مشاكل النوم، حيث هناك العديد من العوامل التي تؤثر على جودة النوم، ومن بينها التمارين الرياضية، فعلى الرغم من أن بعض الناس يرون أن ممارسة التمارين الرياضية قبل النوم يمكن أن يؤثر على النوم بشكل سلبي، إلا أن البحوث الأخيرة تشير إلى أن التمارين الرياضية بشكل عام يمكن أن تساعد في تحسين جودة النوم، سيتضمن هذا المقال العديد من الأبحاث والدراسات حول تأثير التمارين الرياضية على جودة النوم، والطرق التي يمكن اللجوء إليها لتحسين نومك وجعله أكثر فعالية وراحة، حيث أظهرت الدراسات أن ممارسة التمارين الرياضية الصحيحة يمكن أن تخفف من مشاكل النوم وتساعد على الحصول على كمية كافية من الراحة،كما تشير الأبحاث الحديثة إلى أن النوم غير الكافي أو ذوالجودة المنخفضة يمكن أن يؤدي إلى خفض مستويات النشاط البدني في اليوم التالي.
لهذه الأسباب، يعتقد الخبراء اليوم أن النوم والتمارين الرياضية لديها علاقة ذات اتجاهين، إذ يمكن أن يساعد تحسين روتين التمرين الخاص بك على النوم بشكل أفضل، ويمكن أن يعزز الحصول على كمية كافية من النوم مستويات النشاط البدني الصحية خلال اليوم.
كيف تؤثر التمارين الرياضية على النوم؟
توجد العديد من الفوائد لممارسة التمارين الرياضية بانتظام، بما في ذلك خفض مخاطر الإصابة بأمراض مثل السرطان والسكري، وتحسين الوظائف البدنية وجودة الحياة، كما يمكن أن تكون ممارسة التمارين الرياضية مفيدة لفئات معينة، مثل الأشخاص الحوامل الذين يشاركون في النشاط البدني الروتيني، والأشخاص المسنين الذين يمارسون الرياضة حيث يقلل ذلك من خطر الإصابة بالإصابات أثناء السقوط.
تساعد ممارسة التمارين الرياضية أيضًا في تحسين النوم لدى العديد من الأشخاص، حيث يمكن أن تزيد التمارين الرياضية المعتدلة إلى الشديدة من جودة النوم للبالغين عن طريق تقليل الوقت اللازم للنوم وتقليل الوقت الذي يقضيه المرء في السرير خلال الليل، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد النشاط البدني على تخفيف النعاس نهارًا وتقليل حاجة بعض الأشخاص للأدوية المساعدة للنوم، كما يمكن أيضًا أن تحسن التمارين الرياضية النوم بطرق غير مباشرة، على سبيل المثال، يمكن أن تقلل التمارين الرياضية المعتدلة إلى الشديدة من خطر زيادة الوزن الزائد، مما يجعل الشخص أقل عرضة للإصابة بأعراض انقطاع التنفس خلال النوم حيث ترجع حوالي 60% من حالات انقطاع التنفس خلال النوم المعتدل إلى الشديد إلى السمنة، على الرغم من أن العلاقة بين الوزن وانقطاع التنفس أثناء النوم معقدة.
و تركز العديد من الدراسات والاستطلاعات على آثار ممارسة التمارين الرياضية على الأشخاص في مختلف المجموعات السكانية، حيث تحدثت إحدى الدراسات عن طلاب الجامعات خلال فترات الامتحانات و وجدت أن ممارسة التمارين الرياضية والنشاط البدني يمكن أن يقللان من التوتر المرتبط بالامتحانات،وعلاوة على ذلك، وجدت دراسة أخرى أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وبشكل أساسي التمارين الهوائية، تقلل من الأعراض لدى الأشخاص المصابين بانقطاع التنفس خلال النوم، حتى لو لم يفقدوا من أي وزن بعد ممارستهم للرياضة.
هل ممارسة التمارين الرياضية قبل النوم تؤثر سلبًا على جودة النوم؟
يعتبر الحصول على نوم جيد ومنتعش أمراً مهماً للحفاظ على صحة الجسم والعقل، ومن الطرق المثالية لتحسين جودة النوم كما ذكرنا هي ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، ولكن هل تؤثر ممارسة التمارين الرياضية قبل النوم على نوعية النوم؟ هذا هو السؤال الذي يتردد في ذهن الكثيرين.
تختلف الآراء بين الخبراء حول ما إذا كانت ممارسة التمارين الرياضية قبل النوم ضارة أم لا، وتشير النظرية التقليدية إلى أن ممارسة التمارين الرياضية بشكل مكثف قبل النوم يمكن أن تؤثر سلبًا على النوم، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع درجة الحرارة في الجسم وزيادة مستوى الأدرينالين، وبالتالي، يجب تجنب ممارسة التمارين الرياضية الشديدة في الفترة المسائية التي تسبق النوم، ومع ذلك، هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى أن ممارسة التمارين الرياضية قبل النوم لا تؤثر بشكل سلبي على النوم، ففي دراسة أجريت على مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من الأرق، تبين أن ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة قبل النوم قد أدت إلى تحسين نوعية النوم، وبشكل عام، فإن درجة تأثير ممارسة التمارين الرياضية على النوم تعتمد على نوع التمارين والوقت الذي يتم ممارستها فيه، فممارسة التمارين الرياضية الخفيفة قبل النوم يمكن أن تساعد على تحسين جودة النوم، بينما ممارسة التمارين الرياضية الشديدة في نفس الوقت يمكن أن تؤدي إلى تدهور جودة النوم، لذا يجب على الأفراد الاستماع إلى أجسامهم وتجربة أنواع مختلفة من التمارين الرياضية ومراقبة تأثيرها على نوعية النوم، ويمكن للأفراد أيضًا استشارة الخبراء في مجال النوم للحصول على النصح والإرشاد.
ما هي أفضل أوقات ممارسة التمارين الرياضية للحصول على نوم صحي؟
تباينت نتائج الاستبيانات بين الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية في وقت متأخر من الليل، لذا يجب أن تستند أوقات ممارسة التمارين الرياضية وشدتها على ما يناسب جدول النوم الخاص بك، ومن الممكن أن تكون بعض التمارين أكثر فائدة للنوم من غيرها. ويشمل ذلك التمارين اليوغا والتمارين الخفيفة للتمدد وتمارين التنفس.
وقد وجدت إحدى الاستبيانات أن غالبية الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية الساعة 8 مساءً أو في وقت متأخر من الليل ينامون بسرعة ويحصلون على كمية كافية من النوم العميق ويستيقظون يشعرون بالراحة، وكذلك أبلغ الذين يمارسون التمارين الرياضية بين الساعة 4 عصرًا و 8 مساءً عن نسب مشابهة لهذه الفئات، مما يشير إلى أن ممارسة التمارين الرياضية في وقت متأخر من الليل قد تكون مفيدة في بعض الحالات، كما أظهرت الدراسات الأخرى نتائج مماثلة، ففي إحدى الدراسات، وجد أن الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية في المساء يحصلون على المزيد من النوم العميق، ومع ذلك، لوحظ أيضًا من قبل الباحثين أن زيادة درجة حرارة الجسم الأساسية – والتي يمكن أن تحدث بعد التمارين الرياضية المكثفة – ترتبط بانخفاض كفاءة النوم وزيادة مدة اليقظة بعد بدء النوم. لذلك، قد لا تكون ممارسة التمارين الرياضية قبل النوم ضارة بشكل طبيعي، إلا أن التمارين الشديدة في الساعات الأخيرة قبل النوم قد تؤثر على كفاءة النوم ومدة النوم الإجمالية.
كيف يؤثر النوم على النشاط البدني والتمارين الرياضية؟
لم يتم دراسة الدور الذي يلعبه النوم في مستويات النشاط البدني بشكل شامل، ولكن تركز العديد من الدراسات على الاختلافات في مستويات النشاط البدني بين الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم والأشخاص الذين يتمتعون بنوم صحي.
حيث استنتجت معظم هذه الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من نوم سيئ يكونون أقل نشاطًا من الأشخاص الذين يتمتعون بدورات نوم صحية، وعلى وجه الخصوص، فإن الأشخاص الذين يعانون من بعض اضطرابات النوم ليسوا على اتصال بالتمارين الرياضية في النهار، وعلى سبيل المثال، فإن البالغين الذين يعانون من الأرق يميلون إلى عدم النشاط بقدر الأشخاص الذين لا يعانون من الأرق.
كما تشير بعض الدراسات إلى أن التغيرات الليلية في جودة النوم والوقت المستغرق للنوم وكفاءة النوم يمكن استخدامها للتنبؤ بمستويات النشاط البدني. على سبيل المثال، وجدت دراسة أن زيادة بالوقت المستغرق للنوم بمقدار 30 دقيقة ترتبط بانخفاض في مدة ممارسة التمارين الرياضية بمقدار دقيقة واحدة في اليوم التالي، وقد يلعب تفضيل الشخص لممارسة التمارين الرياضية في الصباح أو المساء دورًا أيضًا، فالأشخاص الذين يستيقظون مبكرًا أو “صباحيون” يميلون إلى ممارسة التمارين الرياضية بشكل أكبر من الأشخاص الذين ينامون أو يكونون أكثر نشاطًا في المساء، كما تشير بعض الدراسات إلى أن ممارسة التمارين الرياضية يمكن أن تغير تدريجيًا تفضيلات الشخص للساعات النهارية، وحتى تغير نظام الساعة الداخلي لديه.
ولكن على الرغم من أن العديد من الدراسات حتى الآن أثبتت العلاقة بين النوم ذو الجودة العالية ومستويات النشاط البدني الصحية، لم تثبت الأبحاث الحالية بشكل قاطع أن النوم الأفضل يؤدي إلى زيادة في مستويات النشاط البدني،إلا أن الخبراء الصحيون يتفقون على أن النوم الجيد في الليل يمكن أن يساعد في الشعور بالراحة والتحفيز لممارسة التمارين الرياضية في اليوم التالي.
في النهاية، يمكن القول بأن التمارين الرياضية تؤثر بشكل كبير على جودة النوم، فالتمارين الرياضية الدائمة تساعد على تحسين جودة النوم والتخلص من الأرق والاضطرابات النومية فضلًا عن فوائدها الكثيرة الأخرى، وعلى الرغم من عدم وجود بحث مؤكد بشكل قاطع على تأثير النوم الجيد على مستويات النشاط البدني، إلا أن النوم الجيد يمكن أن يساعد في الشعور بالراحة والتحفيز لممارسة التمارين الرياضية في اليوم التالي، لذا يجب أن يتم الاهتمام بجودة النوم كجزء من النظام الصحي العام، لتحقيق أقصى استفادة من التمارين الرياضية وتحسين صحة الجسم والعقل.
المصادر:
https://www.sleepfoundation.org/physical-activity/exercise-and-sleep
https://www.hopkinsmedicine.org/health/wellness-and-prevention/exercising-for-better-sleep










