وقت القراءة: 9 دقائق
تعتبر اضطرابات الغدة الدرقية من أكثر الأمراض انتشارًا في العالم، ويبلغ عدد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بها حوالي ١.٦ مليار شخص. واليود هو جزء لا يتجزأ من تكوين هرمونات الغدة الدرقية وبالتالي فهو عامل مؤثر في حدوث قصور الغدة الدرقية (خمول الغدة الدرقية) وفرط نشاط الغدة الدرقية (زيادة نشاط الغدة الدرقية). دون وجود كمية اليود الكافية، يمكن لقصور الغدة الدرقية وأمراض نقص اليود الأخرى أن تتطور. وعلى العكس، فزيادة تناول اليود يمكن أن تؤدي لفرط نشاط الغدة الدرقية. فما هو اليود وما علاقته بالغدة الدرقية؟
اليود هو عنصر كيميائي طبيعي، مثل الأكسجين، الهيدروجين والحديد، موجود في منتجات غذائية معينة بشكل طبيعي، غني في منتجات غذائية أخرى ومتوفر كمكمّل غذائي أيضًا. اليود هو من المغذيات الحيوية الصحية المناسبة في جميع مراحل الحياة. فهو ضروري من أجل أداء سليم للغدة الدرقية، وخصوصًا قبل وخلال فترة الحمل وللمرضعات من أجل تطور سليم لدماغ الجنين وحديثي الولادة.
عندما يصل اليود إلى مجرى الدم، تمتصه الغدة الدرقية بالكميات المناسبة لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية التي تفرز في الدم ويتم نقلها إلى مناطق مختلفة في الجسم. كل خلية، وكل نسيج، أو عضو بحاجة إلى هرمونات الغدة الدرقية، التي تساعد الجسم في استغلال الطاقة، والحفاظ على الحرارة ونشاط سليم للدماغ، القلب، العضلات وأعضاء أخرى.
اليود عنصر أساسي لتصنيع هرمونات الغدة الدرقية ونمو الجنين والأطفال الرضع. ولذا فهو من المواد الغذائية شديدة الأهمية للتمتع بصحة سليمة في جميع مراحل العمر. وجسم الإنسان لا يستطيع أن يصنع اليود، ومن ثم يجب تزويده به بانتظام من خلال نظام غذائي صحي.
إن عنصر اليود مكون أساسي من المكونات التي تقوم بصنع هرمونيّ الغدة الدرقية: ثيروكسين (تي 4) وثلاثي يود الثيرونين (تي 3). وتساعد هرمونات الغدة الدرقية الجسم على الاستفادة المثلى من الطاقة، والحفاظ على درجة حرارة دافئة للجسم، والمحافظة كذلك على نشاط المخ والقلب والعضلات والأعضاء الأخرى بالحالة التي يجب أن تعمل بها.
وتعتبر هرمونات الغدة الدرقية واليود أيضًا عاملان جوهريان في نمو الأجنة، واكتمال نمو العظام والمخ لديهم. فإن تناول اليود بكميات غير كافية هو السبب الأكثر شيوعًا الذي يمكن الوقاية منه للإصابة بالتخلّف العقلي.
ومن أهم فوائد اليود للجسم:
– اليود يعزز من صحة الغدة الدرقية وعمليات الأيض
– يستخدم اليود لسلامة تطور الجهاز العصبي لدى الجنين والرضيع ووظائف الإدراك والتعلم
– اليود يحسن الأداء الإدراكي لدى الأطفال
– اليود يعالج فرط إفراز الغدة الدرقية
– اليود يعالج أورام الغدة الدرقية المتمايزة
– اليود للوقاية من تليفات وأورام الثدي
– اليود كمعقم موضعي للجروح
– اليود يحافظ على الشعر من التساقط ويحمي الشعر من الجفاف والتكسر بشكل سريع
توجد الغدة الدرقية في الجزء الأمامي من الرقبة، وتنتج هرمون الغدة الدرقية المسؤول عن عمليات الأيض والبناء في كامل خلايا الجسم، حيث يعتبر هرمون الغدة الدرقية الوقود الأساسي لتنظيم عمليات الأيض في جسم الإنسان.
تستخدم الغدة الدرقية اليود كمكوٌن أساسي لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية. كما يوجد ٧٠ – ٨٠% من كمية اليود الموجود في الجسم مخزنة داخل خلايا الغدة الدرقية. وعند حدوث نقص في مستوى اليود في الجسم، تحاول الغدة الدرقية تغطية هذا النقص عن طريق زيادة عدد الخلايا المنتجة لهرمون الغدة الدرقية مؤدياً ذلك في النهاية إلى حدوث تضخم في الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Goiter)، لذلك فإن تناول الكمية المناسبة من اليود عن طريق الغذاء يحمي من حدوث تضخم في الغدة الدرقية حيث أن نقص اليود يعد أحد الأسباب الرئيسية لحدوثه.
يمكن أن يؤدي نقص اليود المزمن أضرار لصحتك، فهذا النقص يحد من إنتاج الغدة الدرقية للهرمونات ويؤدي بالتالي إلى إبطاء عملية التمثيل الغذائي أو الأيض؛ ولذا، فهو يعتبر أكثر الأسباب شيوعًا لانخفاض نشاط الغدة الدرقية (قصور الغدة الدرقية). والتأثير الظاهر للعين والذي لا شك فيه لنقص اليود هو تضخم الغدة الدرقية (الدراق). ومن الأهمية ملاحظة علامات نقص اليود في وقت مبكر للوقاية من المخاطر الصحية الناتجة عن إصابات الغدة الدرقية.
كما يمكن أن تدل الأعراض التالية على نقص اليود:
– يؤدي نقص اليود إلى صعوبة البلع والتنفس.
– يزداد محيط الرقبة بسبب نقص اليود.
– يشعر المصاب بنقص اليود بالإرهاق.
– لا يمتلك المصاب بنقص اليود القدرة على تحمل الجو البارد.
– يصاب الشخص الذي لديه نقص باليود بالإمساك.
– يجف جلد الشخص المصاب باليود.
– يتعرض مصاب نقص اليود إلى الاكتئاب.
يؤدي إلى:
– تأخر النمو العقلي والجسدي للطفل.
– ينخفض ذكاء الطفل إذ يتسبب نقص اليود في انخفاض معامل الذكاء بمعدل ١٥ درجة.
– ينخفض مستوى الأداء المدرسي للطفل.
وتكون عواقب نقص اليود الأكثر خطورة على النساء الحوامل منهن أو المرضعات وعلى الأطفال. ووجود اليود بالنسب الكافية وبالتالي هرمونات الغدة الدرقية عاملان جوهريان في النمو الطبيعي للمخ والجهاز العصبي. وأخطر الأمراض التي يتسبب فيها نقص اليود أثناء فترة الحمل هو التقزم، أي إعاقة النمو البدني والعقلي. ولكن، حتى حالة نقص اليود بنسبة بسيطة أثناء الحمل يمكن أن ترتبط بانخفاض معدل الذكاء في الأطفال. كما أن تناول اليود بكمية كافية هو خير وقاية من هذه المضاعفات ومن غيرها، كولادة جنين ميت، أو الإجهاض، أو ضعف النمو.
من الجدير بالذكر أن أمراض الغدة الدرقية من نقص إفراز الغدة أو فرط إفراز أو تضخم تحدث نتيجة العديد من الأسباب، وليس فقط بسبب نقص اليود، لذلك يجب أن يتم تشخيص كل سبب وأخذ العلاج المناسب له تحت إشراف الطبيب وبعد إجراء الفحوصات اللازمة.
يدخل نوع معين من اليود ويسمى باليود المشع في علاج فرط نشاط الغدة الدرقية أو مرض جريفز، والذي يعتبر أحد أكثر الأسباب المؤدية لحدوث زيادة إفراز في الغدة الدرقية، حيث يعتبر اليود المشع من أكثر العلاجات المستخدمة لتقليل إفراز الغدة الدرقية إلى جانب الهرمون المضاد للغدة الدرقية والعلاج الجراحي.
يوجد مجموعة من الأعراض الجانبية للعلاج باليود المشع مثل:
– حدوث نقص في إفراز الغدة الدرقية أو توقفها عن العمل
– حاجة المريض لأخذ هرمون الغدة الدرقية الثايروكسين بشكل مزمن
إلا أن اليود المشع يعتبر العلاج الأوسع استخداماً والنهائي لمشكلة فرط نشاط الغدة الدرقية. ويقوم الطبيب بتشخيص الحالة ووصف العلاج والجرعة المناسبة من اليود المشع بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة للمصاب.
يتم استخدام اليود المشع في علاج بعض أنواع أورام الغدة الدرقية المتمايزة المنتشرة إلى الغدد الليمفاوية أو الموجودة في أماكن لا يمكن استئصالها من خلال العمليات الجراحية.
تمتص الخلايا السرطانية اليود المشع ويعمل اليود المشع على تدمير هذه الخلايا بغض النظر عن مكان وجودها في الجسم، يعتبر اليود المشع خطوة مهمة في علاج أورام الغدة الدرقية المتمايزة، وفي القضاء على بقايا آثار الخلايا السرطانية المنتشرة في الجسم.
تعتبر المأكولات البحرية مصدرًا مهماً لليود نظرًا لكون المحيطات غنية باليود. كما يعتبر كل من البيض، واللحوم، ومنتجات الألبان ثاني أغنى مصادر الحصول على اليود، فهي وإن قلت في محتواها عن الأسماك، لكنها تظل أغنى باليود من المصادر النباتية. ويجب أن يتم استخدام ملح الطعام المدعم باليود في المنازل. ولضمان حصول الرضع على كفايتهم من اليود أثناء فترة الفطام، يجب أن يتم الانتباه لمحتوى اليود في الأطعمة المعدة منزليًا أو في تلك الأطعمة أو التركيبات المكملة المتوفرة بالأسواق.
المصادر الغذائية المتوفرة الغنية باليود:
– بعض أنواع الخبز
– ملح الطعام المدعم باليود
– الجبن
– أسماك المياه المالحة
– اللبن البقري
– أعشاب البحر
– البيض
– المحار
– الزبادي المجمد
– لبن فول الصويا
– المثلجات (الآيس كريم)
– صلصة الصويا
– أقراص الفيتامينات المحتوية على اليود
– الزبادي
ومن أفضل الطرق لتجنب نقص اليود هي تناول ملح الطعام المدعم باليود على المدى الطويل. حيث ينصح بأن لا تقل نسبة اليود المتناول يوميًا عن ٥ جرامات (وهو ما يوازي ملعقة صغيرة من الملح المدعم باليود يوميًا) لتجنب أمراض القلب والشرايين. إذ تحتوي الملعقة الواحدة من الملح باليود على حوالي ٤٠٠ ميكروجرام من اليود. ولتلبية باقي احتياجك اليومي من اليود، لا تستهلك المزيد من الملح، بل احصل عليه عن طريق تناول الأطعمة الغنية باليود.
إن ما تحتاجه طوال حياتك من اليود هو ملء ملعقة صغيرة (ملعقة شاي)، ولا يستطيع الجسم تخزين اليود لفترات طويلة ولذلك تحتاج إلى تناول مقدار ضئيل من اليود على فترات منتظمة. ويختلف مقدار الحاجة اليومية من اليود على مدار حياة الإنسان:
– الرُضَّع: ١١٠ إلى ١٣٠ ميكروجرام
– الأطفال (١-٨ أعوام): ٩٠ ميكروجرام
– الأطفال (٩-١٣ عامًا): ١٢٠ ميكروجرام
– المراهقين والبالغين: ١٥٠ ميكروجرام
– الحوامل: ٢٢٠ ميكروجرام
– المرضعات: ٢٩٠ ميكروجرام
ختامًا يستطيع معظم الناس تحمل تناول كميات كبيرة من اليود دون التعرض لآثار ضارة. ولكن قد يؤدي تناول أكثر من ١٠٠٠ ميكروجرام في اليوم من اليود إلى شعور البعض بأعراض بالجهاز المعدي وبطعم في حلقهم كأنما قد ذاقوا شيئاً من المعدن.
دمتم بصحة.
تعليقات