وقت القراءة: 9 دقائق
هرمون التستوستيرون أو هرمون الذكورة؛ هو هرمون جنسي ويُعَد أهم الهرمونات فهو المتحكم الرئيسي في الوظائف البنائيّة عند الرجل؛ كتوزيع الكتلة العضليّة، وكثافة العِظام والدهون في الجسم، كذلك هو المسؤول عن إنتاج خلايا الدم الحمراء، ويرتكز دوره على أنّه أهم الهرمونات الجنسيّة فلديه دور كبير في التحكم في الشهوة الجنسيّة ومستويات الطاقة وتحسين المزاج، لا يقتصر وجود هرمون التستوستيرون على وجوده في جسد الرجل، كذلك يُنتَج بكميات أقل في المبيضين عند النساء، حيثُ أنه يلعب دورًا هامًا في نموّ الجنين، وعلى الرغم من وجوده بكميّات قليلة عند النساء، إلّا أن نقصه الحاد يؤدي للكثير من المشكلات الصحيّة، فكيف يمكننا الزيادة من إنتاج هرمون التستوستيرون باستخدام التمارين الرياضيّة؟ وما هي هذه التمارين؟
أظهرت دراسة حديثة أُجريَت في جامعة تسوكوبا اليابانيّة في اليابان التي نُشِرَت في “الدورية الأمريكية لعلم وظائف الأعضاء” أنّ ممارسة التمارين الرياضيّة بشكل دوري تزيد من مستويات هرمون التستوستيرون، فقد تمت متابعة حالة (44) رجلًا منهم (28) مُصابون بالسمنةِ المُفرطة، و(16) رجلًا ممن تبقى منهم أصحابُ أوزانٍ طبيعيّة إلّا أنهم لا يمارسون الرياضة بشكلٍ دوريّ.
وقد أُخضِعَ المشاركون لبرنامج رياضي على مدار اثنيّ عشر أسبوعًا، يمارسون فيهِ الرياضة مدّة (40-60) دقيقة لمدّة ثلاثة أيامٍ أسبوعيًا وقد تمّ قياس هرمون التستوستيرون قُبيل البرنامج وبعدهُ للـ (44) حالة، فقد لاحظ الباحثون أن مستويات هرمون التستوستيرون لأصحاب الوزن الطبيعي قد زادت عن تلك التي في الحالات المُصابة بالسمنةِ المُفرِطة، وقد قال الباحثون: أنّه على الرغم من أنّ أصحاب الوزن الطبيعي زادت نسبهم على نِسَب الحالات المُصابة بالسمنةِ المُفرطة؛ إلّا أنّ الرياضة قد ساعدت كافة المشاركين.
وقد قال الباحثون أنّه من الطبيعي بعد عمر الـ35 يبدأ الانخفاض الطبيعي لمستويات هرمون التستوستيرون عند الرجال، بنسبة قد لا تتجاوز ال3% وعلى أثر ذلك، فالأوجب أن يساعد الرجل نفسه في زيادة هرمون التستوستيرون عنده من خلال التقليل من تناول الأطعمة التي تؤدي إلى انخفاض هرمون التستوستيرون، بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضيّة التي تساعد على الحركة وبالتالي التقليل من التعرض للإصابة بالسمنة المفرطة، والتي يتم ملاحظتها بمعدل سنوي، فكيف ذلك؟
يقول الدكتور ( Todd Schroeder )، الذي يدرس التمارين والهرمونات على كبار السن من الرجال في جامعة جنوب كاليفورنيا: “قد يصل ارتفاع هرمون التستوستيرون في بعض الأحيان بعد التمرين إلى 15 دقيقة وأحيانًا قد يصل إلى ساعة فقط.”
فهناك أمرٌ واضِح، أنّ مستوى هرمون التستوستيرون يرتفع بشكلٍ مؤقت، وليس لفترة طويلة وعلى ذلك فمن المهم أن نُدرِك أنّنا بحاجة إلى جعل التمرين (عادة) من أجل الحصول على الفوائد التامّة والممتدّة.
لم يتضح بعد ما الآثار الصحية التي قد تحدثها هذه التعزيزات المؤقتة ، إن وجدت. بالطبع ، ولكن للتمارين الرياضية العديد من الامتيازات الصحيّة الأخرى المعروفة.
بالنسبة للرجال الذين يعانون من انخفاض هرمون التستوستيرون ، فإن التمارين الرياضية وحدها ربما لن ترفع مستوياتهم بما يكفي لإحداث فارق، كما يقول سكوت إيزاكس “طبيب الغدد الصماء من جامعة إيموري”؛ أنّ التأثير يكون أكبر وذو أثر أقوى عندما تكون نسب هرمون التستوستيرون للرجال الذين يكون لديهم الخطر على الحد الفاصل بين المستوى الطبيعي والمنخفض، هنا فقط وجب التصدي بشكل مباشر لهذا الانخفاض.
تنقسم التمارين الرياضيّة في غالب الأمر إلى ثلاثة أقسام؛ قسم التمارين الهوائية أو ما يسمّى بالكارديو، وتمارين الكتلة العضليّة (المقاومة) ومن ثمّ الإطالات أو ما تسمى بالستريتشنج المسؤولة عن المحافظة على المرونة، وتخفيض نسب الإصابة بالتمزق العضلي أو الشدّ العضلي.
وهنا وجب الذكر أنّ التمارين الرياضيّة لا تؤثر على مستويات هرمون التستوستيرون بنفس الكيفيّة أو الأثر، وعلى ذلك وجب التفصيل في هذا الموضوع كالآتي:
– تمارين المقاومة
تُعَد تمارين المقاومة بكافة تفصيلاتها من أفضل التمارين التي تزيد من ارتفاع هرمون التستوستيرون، لأنهُ يقوم بإصلاح تلف البروتينات العضلية ويعزز نمو الأنسجة العضلية بعد تمزق السابقة منها، فتمارين المقاومة تركز على زيادة إنتاج الكتلة العضليّة في جسم الإنسان، وهو مرتبط بالمقام الأول بهرمون التستوستيرون، فعند تكرار رفع الأثقال لمدة 8-10 مرات يزيد من احتماليّة إنتاج الكتلة العضليّة بشكل أعلى، بالتالي تحفيز إنتاج هرمون التستوستيرون.
وكلما كان الاستهداف للعضلات الأكبر في الجسم مثل؛ عضلات الفخذ الأمامي والخلفي، وعضلات الصدر والظهر كان التركيز على البناء العضلي أكبر، وبالطبع لا ننسى العضلات الأصغر كذلك مثل بطة الكتفين والساقين، وعضلات البطن، فالمقاومة تقوّي الجسد بشكل كامل، وتزيد من تشكيل الجسم بشكل متناسق.
– تمارين الشدّة العالية (HIIT: High-Intensity Interval Training)
ومن التمارين المهمّة أيضًا لزيادة إنتاج هرمون التستوستيرون في الجسم، تمارين الشدّة العالية، وهو من أهم أنواع التمارين بحيث يجمع ما بين تمارين الكارديو (الهوائيّة) وتمارين المقاومة، ويطلق عليه أيضًا اسم (HIIT: High-Intensity Interval Training)، ينتشر استخدام التدريب المتقطع عالي الكثافة (HIIT) على نطاق واسع كاستراتيجية لتعزيز اللياقة البدنية وتكوين الجسم. من أجل تقديم تدريب أكثر اكتمالًا، تركز على وصف كل من معدل ضربات القلب و الاستجابات الهرمونية الناتجة.
فقد لاحظ الباحثون أنّ آثار التدريبات يزيد إنتاج الهرمونات لفترات طويلة، وأنّ تنظيم التمرين لهُ أثر على إنتاج الهرمونات بعد التمرين حتى صباح اليوم التالي لتعديل اتجاههم الفسيولوجي.
– التمارين الهوائيّة (الكارديو)
أمّا بالنسبة للتمارين الهوائيّة (الكارديو) فلا يوجد دليل على أنها تساهم في زيادة هرمون التستوستيرون، على العكس فإنّ الكثرة من ممارسة تمارين الكارديو قد يُضعف إنتاجيّة هرمون التستوستيرون في الجسم كالمشي، إلّا أنّ ممارسة الكارديو بشكل عام يوازن بين إنتاجيّة هرمون التستوستيرون وبقيّة الهرمونات، وممّا يجدر به الذكر أيضًا أنّه لا يمكن إنكار أثر التمارين الهوائية/ الكارديو على فقدان الوزن والتخلص من السمنة المفرطة مما يؤثر على مستويات هرمون التستوستيرون، وقد وجد الباحثون أيضًا أنّ هناك بعض التمارين الهوائيّة ذات الحركة المستمرة بشدة منخفضة ولفترة أطول مثل؛ الهرولة أو الجري، والسباحة قد تؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون التستوستيرون.
– تمارين الغطس
أيضًا من التمارين التي تؤثر في زيادة هرمون التستوستيرون؛ تمرين الغطس، فالغطس يؤثر على كافة عضلات الجسم بنفس الوقت، فيقوم بإعمال عضلات الظهر والصدر والأكتاف وعضلات اليدين والساقين جميعها في نفس التمارين، فهو من أهم التمارين وأبرزها في زيادة قوّة الجسم، وتقليل نسبة السمنة المفرطة بالتالي هرمون التستوستيرون.
هذا بالنسبة للرجال فما تأثير ذلك على النساء؟
تحتاج النساء مثل الرجال إلى هرمون التستوستيرون ويؤثر نقصه الحادّ أيضًا إلى مشاكل صحيّة، لكن الفارق الوحيد أنّ زيادة هرمون التستوستيرون عند النساء فوق حدٍ معيَن قد يؤدي إلى أضرارٍ أكبر ومشاكلٍ صحيّةٍ أسوأ، فقد يزيد نسبة الصلع، أو ظهور حب الشباب بشكلٍ مُفرِط، أو حتّى إلى زيادة نموّ الشعر غير الطبيعي.
إنّ الحياة الصحية بشكلٍ عام تؤدي إلى رفع إنتاجيّة الجسم، والمحافظة على توازنه واستقراره، فمثلًا التمارين المذكور مُسبقًا ترفع كفاءة عضلات الجسم، وقوّة تحمله، وزيادة تكرار الجولات لكل تمرين تزيد نسبة إنتاجيّة هرمون التستوستيرون بشكلٍ جيّد، وزيادة الأثقال والأوزان المحمولة يؤدي كذلك لزيادة الإنتاجيّة والكفاءة كذلك قصد فترات الراحة والاستمراريّة العالية تزيد من مرونة وقدرة تحمّل الجسم للضغط العالي، إلّا أنّ بعض المحترفين الذي يفرطون في ممارسة هذه التمارين الرياضيّة، يلاحظون انخفاضًا واضحًا لمؤشرات هرمون التستوستيرون في أجسامهم وذلك لأنهم يلحقون الأذى بأنفسهم، والسبب في ذلك يعود إلى أن الجسم عندما يفقد السيطرة على التحمُّل، يخفض إنتاجيّة هرمون التستوستيرون ويقوم بإعمال إنتاج هرمون الكورتيزول Cortisol؛ هرمون التوتر، ويلاحظ دائمًا أن ارتفاع إنتاج هرمون الكورتيزول يمكن أن يرتبط بانخفاض هرمون التستوستيرون، وعلى ذلك وجب الموازنة في القيام بهذه التمارين بحيث لا تعود على الجسم بالأذى.
يجدر بنا التذكير بأنّ الحياة الصحية، هي حياة متكاملة، مترابطة، متعلقة بمُدخلات الجسم ومُخرجاته، والعمليّات الداخليّة فيه، فكما وجب الانتباه لممارسة التمارين الرياضيّة علينا الحفاظ على تناول الأطعمة المناسبة لأجسادنا، فالالتزام بنظام غذائي صحي ومتكامل من أهم المسببات لزيادة هرمون التستوستيرون في الجسم.
كذلك المحافظة على راحة الجسم من خلال النوم الكافي، وتعريض الجسم لأشعة الشمس؛ فيتامين د، وتجنُب كل ما هو مُقلِق أو يؤدي إلى زيادة هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر) في الجسم جميعها أسباب مهمّة في الحفاظ على مستويات هرمون التستوستيرون في الجسم بالتالي الحفاظ على ديمومة ونصف العمر لهذا الجسد.
فأجسادنا أمانةٌ في أعناقنا علينا الانتباه لها جيدًا والمحافظة عليها دون كللٍ أو ملل، حتّى نستمتع بها بحياةٍ جميلةٍ هادئة.
تعليقات